موضوع: بيني وبينك .. يا قلبي الصغير الأحد يناير 10, 2010 3:46 pm
بيني وبينك .. يا قلبي الصغير
مرحبا يا قلبي الصغير .. خطرت ببالي فأحببت أن تشاركني فنجان القهوة الساخن هذا ليتسنى لنا الحديث معاً .. ما أخبارك هذه الأيام وماذا تصنع ؟ مالي أرى اضطراباً غير معهود في نبضاتك يا صغيري ؟! انتظر .. لا ترمقني بنظراتك هذه ، تعرف أنك تعذبني بها .. ولن تبدأ أنت هذه المرة ، بل أنا التي ستبدأ بالكلام ، وعليك أن تنصت لما سأقول ..
رغم أنك في أغلب الأحيان مستسلم لما يمليه عليك عقلي من أفعال و ردود أفعال ، إلا أنني في الآونة الأخيرة قد شعرت برغبتك في التمرد عليه وعصيانه ولو لمرة واحدة في حياتك، ففوجئت وقررت بأن أكون وسيط خير ينسج اتفاقاً سلمياً بينكما ..
قلبي الصغير .. أعرف أنك تحبني وتحرص على سعادتي وهنائي لأنك جزء مني تماماً كعقلي ، وإن كنتما تختلفان في أسلوب التعبير عن ذلك ، ولكن .. هل سألت نفسك بصدق ماذا سيحل بي إن كنت أنت وحدك من يملي علي أفعالي وتصرفاتي ؟؟ أنت يا قلبي الصغير ، تحكم على الأمور بناء على ماتراه عينك من مظهرها الخارجي، وتبني أحلاماً وآمالاً وسرعان ما تزخرفها بتيجان ذهبية ، كما أن ثقتك عمياء بكل من هم حولك ، لا تتوقع منهم أو من غيرهم إلا ما هو جميل ويبعث على الرضا والسرور ، ولكن الحياة ، بل الناس ، ليسو كما تعتقد يا صغيري ، لهذا كنت غالباً ما أسكتك لأفسح المجال لعقلي ، فقد بدى لي بأنه يكبرك بأعوام وأعوام !! إن كنت يا قلبي الصغير متسرع في إصدارك للأحكام بعشوائية و تغمرك مشاعرك وعواطفك لطيبتك ، فهذا لا يعني بأن عقلي مسلوب العواطف والمشاعر آلة لا تعرف الرحمة ، بل هو طيب مثلك تماماً ، إلا انه يبصر مالا تبصر ، ويمحص مكامن الأمور ليختبرها ، وبذلك يأمرني فأقتنع بوجهته وأنصت له ..
إياك أن تفكر بأنه يفرض علي فعل أمر أو يجبرني على تركه ، فأنا صاحبة القرار أولاً وأخيراً في أن أنصت لما أشاء ولمن أشاء ، سواء كان لكما أو لأحدكما دون الآخر ، لهذا أطلب منك يا صغيري ، بأن تنسى فكرة التمرد والعصيان تلك وأنت مقتنع تماماً بما أقول ، لأن عقلي لم يقدني يوماً إلى طريق ندمت اتخاذه ،بل كان لي دوماً خير ناصح ٍ ومنقذ من زلات هذا الزمان و ويلاته لأبقى هانئة البال طوال عمري ..
سأكذب عليك إن قلت بأنني لم أتمن في يوم من الأيام أن أنصت لك تماماً وأسكت عقلي لمرة واحدة ، ظننت فيها للحظة بأنني سأكون سعيدة بعدها ، وكعادتك أنت يا صغيري ، بدأت تنسج لي أحلاماً وردية وزهوراً متفتحة على الطريق ، ولكن سرعان ما زجرني عقلي زجرة معنّفٍ وحريص ، عارضا لي شريطاً طويلاً مما كنت سأجنيه فعلاً من اتباعي لنصيحتك ، ربما كان ما حذرني منه مجرد توقعات وهمية قد لا تحصل ، ولكنني من بعد ذلك الموقف قطعت على نفسي وعداً بألا أتبعك في شيء قبل أن أستشير عقلي أولاً ، وأدركت بأنكما معاً أفضل خيار لي ، بل مع إيثاره في بعض الأمور قليلاً عليك يا صغيري ، لأن عيبك الوحيد كما ذكرت آنفة بأنك كتلة من العواطف والأحساسيس ، تحكم على الأمور بمظهرها لا بجوهرها ..
بيني وبينك يا قلبي الصغير حكايا وأسرار ، لا يعلمها إلا خالقك وأنا وأنت ، ستبقى وحدك من يمتلك مشاعري وأسراري التي أخفيها .. فابق لي خير ملاذ ٍ ألجأ له في كل أحوالي ، وامسح دموعك التي انسابت لحديثي ، فقريباً ستراني أنالُ ما تمنيت وحلمت به طوال عمري .. ولكن بعفاف ثمين .. وصبر جميل ..
أهدي موضوعي هذا لكل فتاة تصرّ على اتخاذ قلبها مرشداً لحياتها ، تقتنع بأحكامه العشوائية ، ولا تعير اهتماماً لعقلها ولا لتفكيرها .. فلتجلس جلسة صراحة مع قلبها كتلك الجلسة ، لعلها تحكّم عقلها في تدبير شؤونها في هذه الحياة الطويلة ..