من الحقائق المعروفة في علم الأحياء أن الفيروس كائن دقيق جدا لا يرى ألا بميكروسكوب خاص نظرا لصغر حجمه والفيروس لا يستطيع الحياة بذاته وانما يظل كامنا وكأنه جسم صغير غير حي حتى إذا استطاع ان يخترق جدار خلية حية فانه ينشط ويتوجه مباشرة الى نواة هذه الخلية فيخترقها ويغير برنامج التشغيل فيها فتنتج موادا بروتينية تلائم حياة الفروس لكي ينمو ويتكاثر – وبما ان نواة الخلية هي مركز الحياة فيها فان بقية أجزاء الخلية تضعف وتضمر لحساب حياة الفيروس الدخيل .. وإذا استمر هذا الوضع فان الخلية ربما تموت بالكامل ولكن بعد ان يكون الفيروس قد استغل إمكانياتها ومخزونها لتكاثره.. والاحتمال الثاني هو ان تفيق الخلية وتنتبه الى هذا الكائن الدخيل وتبدأ في محاصرته ومقاومته وتسترد عافيتها مرة اخرى... وقد انتقل هذا المفهوم من علم الحياة الى علم الكمبيوتر حيث استخدم لفظ" الفروس" للدلالة على برامج متخفية تتسلل الى اقراص الكمبيوتر فتمسح برامج وتضيف برامج أخرى دخيلة فيضطرب النظام لحساب البرامج الدخيلة .
ولو أردنا تطبيق هذا المفهوم في علم الاجتماع فسوف نجد النموذج اليهودي اقرب مثال لهذا الاختراق الفيروسي فاليهود في كل مراحل التاريخ وفي كل المجتمعات كانوا يعيشون أقلية في مناطق معزولة ولا يذوبون أبدا في أي مجتمع ، ولكنهم يتحينون الفرص حتى إذا وجدوا ثغرة أو نقطة ضعف تسللوا منها الى مراكز التأثير الاجتماعي ( السياسة ، الأعلام ، المال ، الجنس الخ ) وبدءوا في تغيير البرنامج الاجتماعي لصالحهم وبذلك يسخرون كل الإمكانات والطاقات لصالح بقائهم ونموهم وازدهارهم ، وبالطبع يتم ذلك على حساب الجسد الاجتماعي الذي تم اختراقه . ويستمر هذا الوضع الى أن تنفذ إمكانات هذا الجسد الاجتماعي أو يتحلل فيتركه الفيروس اليهودي ويبحث عن جسد آخر يخترقه ويبرمجه ويسخره . وربما يسال سائل : ولماذا يسمح الجسد الاجتماعي بهذا الاختراق الفيروسي اليهودي إذا كان ليس في صالحه ؟ والجواب : ان هذا الآمر ليس سهلا فاكتشاف الفيروس وهو يخترق الخلية الاجتماعية يتم بشكل دقيق لا ينتبه أليه الكثير ، وهو يقنع أجزاء الخلية المخترقة بأنه جاء لمصلحتهم ، وإذا لم يفلح في ذلك يستخدم سياسة العصا والجزرة فاما أن تستسلم للجزرة( وهي وهمية) واما ان تضرب بالعصا الغليظة). وقد حدث في بعض فترات التاريخ ان البنيان الاجتماعي انتبه لهذا الاختراق الفيروسي اليهودي وكان هذا البنيان الاجتماعي في حالة من الصحة والمناعة بحيث استطاع ان يحاصر هذا الفيروس ويلفظه وأقرب مثال لذلك اليهود في يثرب فقد كانوا يخترقون قبائل الأوس والخزرج ويسخرون إمكاناتهم لصالح اليهود ويستخدمون المال والسلاح والجنس في سبيل تحقيق ذلك. وإذا استعصى عليهم الأمر أثاروا الفتن وأشعلوا الحروب وحركوا الضغائن، وهم في كل الأحوال مستفيدون. وعندما بدأ المجتمع المسلم يتكون في المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وبدأت القيم الإسلامية تحدد ملامح هذا المجتمع المتماسك لم يكن لليهود (بأخلاقياتهم الفيروسية) قدرة على اختراقه فتمت بعض المعاهدات بين المجتمع المسلم الفتى وبين جماعات اليهود لتنظيم العلاقة بينهما طبقا للواقع الجديد ، ولكن طبائع اليهود (التي لم ولن تتغير) لم تتحمل ذلك فحاولوا الغدر والاختراق والدس الى أن تم طرد بنو قينقاع ، ولم يعتبر الآخرون فأستمروا في نفس الطريق حتى طرد النضير ، ولم يعتبر الآخرون حتى كان الغدر الكبير من بني قريظة وحدث لهم ما حدث بعد غزوة الخندق ونالوا جزاءهم الذي يستحقون ، وبهذا استطاع المجتمع المسلم أن يلفظهم بعدما تأكد استحالة التعايش معهم نظرا لصفاتهم الفيروسية الاختراقية الانتهازية العدوانية .
وهم ما زالوا يمارسون هذا الأسلوب الاختراقي الفيروسي حتى هذا اليوم وقد اكتسبوا خبرة طويلة على مدى التاريخ حين استطاعوا اختراق دول كبيرة وحضارات ضخمة وتسخير كل هؤلاء لخدمة مصالح اليهود. .. ولو تأملنا اختراقهم للخلية العربية فسنجد التشابه هائلا مع الاختراق الفيروسي الذي تحدثنا عنه من قبل ، فقد كانوا قلة بالمقارنة بالمجتمع العربي الكبير، واتجهوا الى قلب هذا المجتمع وتسللوا الى مراكز التأثير وبرمجوا العقول(أو بعض العقول) فأفرزت مذاهب وتيارات غريبة على المجتمع العربي المسلم فظهرت البعثية والشيوعية والاشتراكية والقومية والعلمانية وكان هذا التغيير تمهيدا لاختراق اكبر حين تؤتي هذه التيارات ثمارها في أضعاف الجسد العربي وتشتيت قواه حيث يستطيع الفيروس اليهودي توجيه وتسخير كل إمكاناته لصالح التكاثر والنمو اليهودي ولتتغير الخريطة بالكامل ويمحي العالم العربي الإسلامي ويستبدل بخريطة أخرى وبرنامج آخر يطلق عليه الشرق الأوسط حيث تسود مفاهيم جديدة وعلاقات جديدة وقيم جديدة طبقا للبرنامج الفيروسي اليهودي .
فهل هناك أمل أن يفيق الجسد العربي المسلم وينتبه لاختراق هذا الجسم الفيروسي اليهودي له ويبدأ في استرداد وعيه وعافيته وفي سد منافذ الاختراق واستنفار أجهزة المناعة لمحاصرة هذا الخطر الداهم ؟