[center][size=24]
كثيراً.. ما يود الواحد منا أن يبدأ صفحة جديدة في حياته مليئة بالإنجازات ومزينة بالنجاحات.. ويتخلص من ركام الغفلة وفضلات الماضي الكئيب الضائع.. ومن خواطر الدراسة وقلق الامتحانات.. ولكنه يقرن ويربط هذه الرغبة وتلك المسألة بموعد مع الأقدار المجهولة كتحسن في حالته المادية أو تغير في سكن بيته أو تحول في مكانته.. أو عندما أعتمر أو أحج.. إلخ..
إن البعض خاصة الشباب والفتيات، قد يربطون موعد بدئهم الالتزام والطاعة خاصة الصلاة بمواسم أو مناسبات معينة، مثل رمضان أو بعد النجاح في الامتحان أو بعد العمل أو الزواج....إلخ.
وهنا تذكرت قول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب }: "يابن آدم، أي شيء يعز عليك من دينك إذا هانت عليك صلاتك"؟!
هذه الكلمة هزت وجداني هزاً.. وصعقتني صعقاً.. فأنا الشاب النزيه الحبّوب "الرِوش".. هل تهزني هذه الكلمة.. وأنا أقول أتت الأجازة وأطلت العطلة.. فقلت لنفسي: هل سأحافظ على صلاتي كما كنت أيام الامتحانات؟ أم انتهى الأمر وزالت الشدة!!
صلى وصام لأمر كان يطلبه
فلما انقضى الأمر فلا صلى ولا صاما
لكن هذه الكلمة التي سمعتها جعلتني أسأل نفسى: حقاً.. إذا هانت عليّ صلاتي فأي شيء يعز علي من ديني!
ولكن.. سرعان ما تداخلت الخيوط وتشابكت الأمور.. فأنا سأذهب إلى المصيف أو أشترك بنادٍ أو أتنزه مع أصحابي.. فهل سأحافظ على صلاتي؟!!.. إن ربي غفور رحيم!!
قرار حاسم: ولكن.. بداخلي صوت رهيب ينادي: صلاتك.. صلاتك.. وحقا أخذت أفكر ما المشكلة؟ وما هذه الصعوبة التي أضع نفسي فيها من أجل أن أرضي ربي؟.. وحينها لم أجد رداً إلا اتخاذ القرار: من الآن لن أترك صلاة ولن تفوتني تكبيرة إحرام.
وحين أخذت هذا القرار رأيت نوراً يشع في جنبات نفسي وسعادة ملأت أركان روحي.. فأحسست أنه القرار الذي كنت أنتظره.. ولا أعرف لماذا أخرته؟!.. أهي غفلة أم صحبة أم شهوة؟!..
ومن حينها.. ذقت لذة الصلاة ومتعة اللقاء مع ربي وجمال الحياة.. فصارت الصلاة بقلبي مفتاح الكنز الذي يغني.. وهي الظلال الوارفة في حر الهاجرة.. وهي اللمسة الحانية لقلبي المكدود من الصعاب، والمنهك في الفتن والشهوات.. وزاد الطريق ومدد الروح ونور الحياة.. ومصدر الإعانة والتثبيت وفتح الأبواب المغلقة أمام عيني.. وكأن الله يقول لي: كن معي يكن معك كل شيء.. اطرق بابي أفتح لك كل الأبواب.. تمسك بي أُذلل لك كل العقبات.. يا الله.. هل أنا عاقل؟! إن صلاتي هي علاقتي المباشرة مع ربي؟!.. وما قيمة لعب أو مسلسل أو فيلم أو مباراة حرمتني من صلاتي؟!!.. وأخذتني عن لقائي الثنائي البديع مع ربي!!
فمن الذي ينفعني إذا تركتها؟! وماذا استفدت من تأخيرها وهجرها؟! وأرهبني قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : "لينتهين أقوام عن ودعهم (تركهم) الجُمع والجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" (صحيح)..
يا الله.. كل هذا العقاب.. لأنني لم "أضحِّ" بخمس دقائق أو عشر أو حتى أكثر، للوقوف بين يدي ربي، من أجل دنيا أو مسلسل أو فيلم أو مباراة أو صحبة أو شات أو موقع؟!
وتساءلت حينها: كم من الحلاوة فقدته وكم نعمة ضيعتها؟!!!.. وسمعت قول سعيد ابن المسيب: "ما دخل علي أداء فرض إلا وأنا مشتاق إليه" ..
فيا الله! هكذا الصلاة وتلك حلاوتها.. فصلاتي لا يتوقف حدها إلى أنها فقط حسنات تكتب أو ثواب يُدون..
بل إن لها أثراً كبيراً في راحة النفس وهدوء البال وطمأنينة الروح ونزول السكينة وسعادة القلب وفتح أبواب الرزق.. وأدهشني قول الحبيب صلى الله عليه وسلم : "من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة" (حسن).. يا الله! أحج كل يوم خمس مرات.. هل أصدق؟!
نعم.. لأنه كلام الحبيب ووعده.. فيالها من بركات وكنوز ضائعة وجوائز ترتقب الفائز.. فمن الذي يمنعني أن أؤدي فرض ربي!
فيا شباب: هذه تجربتي صادقة مع الصلاة.. وهذه حياتي التي أنارتها صلاتي..
فلماذا الكسل؟ ولماذا التأخير؟ وإلى متى التأجيل؟! وبين يديك السعادة الأبدية والنجاة السرمدية.
[/size][/center]