الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على
الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده
ورسوله، صلَّى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم
تسليماً كثيراً، وبعد:
منذ أن انبثق فجر التاريخ
الإسلامي ، بدأت دواعي النفوس الشريرة ، والتي أكلها الحسد، وقتلتها الغيرة، بتصويب
أسلحتهم وسهامهم إلى صدور الموحدين، راجين أن يمحقوا دين الإسلام ، وحركته
الحضارية، ونمو الإيمان المتجذر في النفوس الصادقة... لكن يأبى الله إلا أن يتم
نوره ، ويفلق هامات الخواجة أولي الكفر والفجور، ويعز دينه وأولياءه ولو كره
المجرمون.
وفي قلب تلك الأحداث التي تكرر نفسها، وتعيد
دورتها ، يحسن بجنود الرحمن ومن يرفع رايات الجهاد الصادقة؛ أن يزداد فرارهم إلى
الله ، وتنعطف أفئدتهم إلى الرحمن ، ويتعلقوا بحبال العرفان للرب المنان ، ويطالعوا
سير أسلافهم المجاهدين وتعلقهم بالله رب العالمين ، حين تأتي قوافل الكفر الغاشمة
لتدك بلاد الإسلام، فيتطاير فرسان الجهاد، وأبطال الملاحم لمنازلة النوازل، ومقارعة
الخطوب، ومكافحة الإرهاب الكافر حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
وثمَّة أمر أحببت أن ألوِّح به، وهوأنَّ من دواعي انقداح
الكتابة في هذا الموضوع ، ما نجده في قلوب بعض المسلمين ـ ويا للأسف ـ من تقليل
الاهتمام والاعتناء بهذا الأمر، وكأنَّ الدعاء صار لا يجدي ولا ينفع خصوصاً مع كثرة
النوازل والمصائب التي تصيب المسلمين، وقد ينظر البعض لمن يتحدث بهذا الأمر، ويصيح
به في آذان الناس، نظرة المتشائم، والذي يظنُّ أنَّ الدعاء سبب بسيط ولا تأثير له
كبير في أرض الواقع، ومن هنا أحببت أنْ أسطِّر بعض المواقف العملية الجهادية،والتي
دعا فيها المسلمون ربهم بإخلاص ومثابرة،فأكرمهم الله بالنصر المبين، والظهور على
أعداء الدين.
ولعلَّه بعد ذلك وحين تقرأ النفوس وكأنها
تشاهد أثر الدعاء في نصرة المسلمين والمجاهدين؛ فترفع أكفَّ الضراعة إلى الحي الذي
لا يموت، بأن ينصر الله دينه ويخذل أعدائه، ويكون من بين تلك النفوس رجل صادق لو
أقسم على الله لأبرَّه، يستحي الله حين يراه قد شرع في الدعاء، ومدَّ كفيَّ
الرجاء،أن يرد الله يديه صفراً خائبتين.